![]() |
تأليف: كمال غزال |
كنتُ أسمعه يهمس لي كل ليلة. كلماته لم تكن مجرد صدى في عقلي، بل قيودٌ تشدني إلى هاوية من الشك والخوف.
لم يكن جسدي ملكي، ولم تكن أفكاري تخصني وحدي. كان هناك… كيانٌ خفي، يتغذى على ضعفي، ينمو مع كل ارتجافة خوف، وكل دمعة ألم.
حاولتُ تجاهله. أقنعتُ نفسي بأنه مجرد وهم، لكن كلما أنكرت وجوده، عاد أقوى. كان يعبث بأحلامي، يوقظني بأصوات لا يسمعها سواي، يثقل صدري كأنما جاثم فوقي، يزرع في رأسي أفكارًا ليست لي.
“ماذا تريد؟” همستُ له ذات ليلة، وأنا أرتجف تحت الغطاء.
ضحك بصوتٍ يشبه الصدى البعيد، ثم قال:
“لا شيء… فقط وجودك.”
أدركتُ الحقيقة حينها. لم يكن يستمد قوته من شيء سوى إيماني به. كنتُ أنا من صنعته، أنا من غذّيته، أنا من سمحت له أن يكون واقعًا في حياتي.
نهضتُ من فراشي وواجهته. “ارحل!”
قلتها بصوتٍ ثابت هذه المرة.
“لن أخاف منك بعد الآن، لن أسمح لك بأن تعيش في رأسي. أنت مجرد ظلٍّ بلا معنى.”
ضحك مجددًا، لكن ضحكته هذه المرة كانت ضعيفة، مترددة، كأنها تتلاشى مع كل كلمة نطقتها. شعرتُ به يذوب في الفراغ، يتلاشى كما يتلاشى الحلم عند استيقاظي.
عادت غرفتي إلى هدوئها، لكن هذه المرة لم يكن ذلك الهدوء المريب، بل هدوء السلام الذي افتقدته طويلًا. استلقيتُ وأنا أتنفس بعمق، كأنني أخيرًا استعدتُ حياتي من كائن لم يكن سوى وهمٍ خلقته مخاوفي.
في الصباح، كانت الشمس أكثر دفئًا، والأصوات أكثر وضوحًا، والأهم… كان رأسي ملكي وحدي.
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .