في صقلية في العصور الوسطى .. حيث الظلام يخيم على عقول الناس و أفئدتهم .. حدثت قصتنا هذه !
لم تمر على " جلاسيوس " ليلة أسوأ من هذه في حياته .. ظل طوال الليل جالساً على عتبة الكوخ محدقاً في السماء و قد بدا علىه أنه لا يعرف من هو
امتلأ المسرح الكبير القائم في وسط مدينة ( راغوزا ) بالرواد .. و كانوا خليط من الطبقات العليا المرفهة و الفلاحين و الحرفيين الغلاظ الحفاة المعدمين .. و لم يكن تنوع فئات الحضور مما يثير دهشة أحد .. فقد يأنف سراة القوم من المجيء إلى هذا المسرح و حضور عرض برفقة أولئك الدهماء .. إلا الليلة .. فعرض الليلة لا يمكن تفويته مهما كانت الأسباب و المبررات .. خاصة أن كل الحضور يشتركون في خصلة واحدة تجمعهم كلهم أكثر مما تفرقهم كل عوامل الاختلاف و التميز و هي خصلة التزمت الديني المبالغ فيه .. بل التزمت الذي يصل لحد الغباء !
و كان عرض الليلة يمكننا أن نلخصه في كلمتين فقط ( حرق الشيطان ) !
دقت ثلاث دقات رتيبة ثم انفتحت ستارة سوداء رثة سميكة و ظهر من خلفها رجل بدين غليظ الأجناب فارع الطول يبدو كفحل الإبل من فرط ضخامته و كان هو مدير المسرح السيد " دون فيتو أبولينوس " الذي كان يقف وسط خشبة المسرح حيث كل شيء ملون باللون الأحمر ، وعندما تكلم خرج صوته ضخماً أجش مزعج كدقات طبول الإنذار .. قال السيد " أبولينوس " مبتسماً ابتسامة عريضة بلا مناسبة :
- "سادتي الأعزاء .. و سيداتي لو كانت هناك سيدات وسطنا الليلة .. الليلة ليلة خاصة جداً ... "
و أثارت هذه الكلمات حماس الحضور فانطلقوا يهتفون و يصفقون بينما المدير يواصل :
- " نحن المؤمنين جميعاً نعيش في حماية الكنيسة .. و نسير في هدي يسوع و لكن هناك عدو لدود يترصدنا .. أتعرفونه ؟! "
فأجابه الحضور بصوت عال مختلط :
- " نعم .. إنه الشيطان ! "
فرد مدير المسرح بابتسامة عريضة :
- " نعم .. الشيطان ( ثم لوح بقبضته بضراوة و واصل ) و الليلة سنتخلص من هذا العدو .. سنحرقه .. سنحرق الشيطان ! "
و في هذه اللحظة علا هتاف و صراخ الجماهير الهستيرى حتى وصل لعنان السماء و كاد المسرح يرتج بكل ما فيه من عنف الصوت .. و في اللحظة التالية أختفي مدير المسرح و أرتفع ستار آخر أحمر اللون و برز من خلفه مشهد غريب !
كان هناك عدد من الأقزام المشوهين يحتلون خشبة المسرح و يحيطون بقفص حديدي عملاق مملوء بالقطط السوداء !
كانت القطط المسكينة تموء بصوت غريب و بشكل يمزق القلوب و كأنها تحس بالخطر الذي يحدق بها .. و حول القفص كانت هناك سلاسل و أسلاب حديدية معلقة من كل جانب .. و بعد ارتفاع الستار أنضم الأقزام لبعضهم و اندفعوا في رقصة مضحكة غريبة تثير السخرية من هذه المخلوقات الغريبة و تعالت ضحكات الجماهير الثملة بالنشوة .. و واصل الأقزام رقصتهم على إيقاع صاخب عجيب حتى دق الصناج دقة واحدة رهيبة فتوقف الأقزام عن الرقص على الفور و قفزت قلوب المشاهدين رعباً .. فهذه الدقة معناها بدء العرض الحقيقي !
تجمع الأقزام حول القفص و فتح أحدهم كوة صغيرة في جانبه و مد يده ذات المخالب السوداء القذرة و تناول قطاً صغيراً أسود اللون و قيد أرجله الأمامية و الخلفية بشرائط مطاطية .. ثم تقدم قزم آخر و دلق كمية ضخمة من سائل غريب اللون كريه الرائحة فوق كمية من الحطب موضوعة في قدر حديدي واسع الفوهة و أخذ يعبث بالحطب حتى اشتعلت النيران .. نيران حمراء شرسة أخذت تزأر مطالبها بوجبتها المعهودة .. و بعد ذلك قام قزم قبيح الخلقة جداً بربط الأقدام الموثقة للقط المسكين في أحد الأسلاب الحديدية و أدار بكرة فارتفعت السلسلة إلى أعلى حاملة معها القط الصغير و ظلت السلسلة تتحرك حتى وقفت بالضبط فوق القدر الحديدي الذي تتلظي النيران داخله .. و هنا ثارت حماسة الجماهير فأخذوا يهتفون بجنون و وقف معظمهم حتى لا تفوتهم لحظة من المشهد الرهيب الذي جاءوا الليلة خصيصاً لرؤيته .. و الاستمتاع به !
أما القزم القبيح فظل متصلباً مكانه لدقائق طويلة .. بغرض إثارة المزيد من حماس الجماهير و جنونهم .. ثم بدأ في إنزال السلسلة ببطء مقترباً بالقط المسكين من حر النيران اللاهبة .. و ظلت السلسلة تهبط و تهبط حتى أصبح القط قاب قوسين من ألسنة النيران .. و في لحظة غطست السلسلة في أتون النار .. و في اللحظة التالية ارتفعت و قد تحول القط الصغير في طرفها إلى كتلة من النار !
و للمرة الثانية غطست السلسلة ثانية في قدر النار .. و خرجت ثانية أيضاً و في هذه المرة كان القط قد تعري من الفراء و ظهر لحمه الأحمر و خطوط عظامه .. و عادت السلسة تغطس للمرة الثالثة ثم خرجت .. و لم يتبقى من القط في هذه المرة سوي هيكل متفحم .. ثم ما لبث أن تفتت و تطاير في الهواء !
و تعالت صيحات الجماهير و أشتعل جنونهم أكثر فأكثر .. و كانت الصيحات تتعإلى أكثر فأكثر مع كل قط مسكين جديد يحرقه الأقزام المشوهين الذين عينتهم إدارة المسرح في وظيفة زبانية جهنم !
و ظلت المحرقة فاغرة فاها .. حتى لم يتبقى في القفص سوي قطين .. قط أسود مشوه مقطوع الذيل .. و قط آخر أسود جميل الشكل و له عيون براقة بشكل غريب كان يحدج بها الجماهير المجنونة طوال الوقت و كأنه يهددهم !
و قبل أن تبتلع المحرقة الضحيتين المتبقيتين برز مدير المسرح بجسده الضخم من خلف المسرح و تقدم نحو القفص الحديدي و وقف فارداً ذراعيه طالباً الصمت من الجماهير .. و عندما صمتت الجماهير أخيراً أشار المدير إلى أحد الأقزام ففتح القفص و أخرج القط المشوه مقطوع الذيل و ألقاه مباشره في القدر المشتعل .. و هكذا لم يتبقى في القفص سوي القط الغريب الجميل !
عندما أصبح وحيداً في القفص شب القط الغريب على أقدامه ؛ بعد أن ظل جالساً طوال الوقت منذ بدء المذبحة ؛ و أخذ ينظر للجماهير بعيونه البراقة نظرات غريبة .. و كأنه يخيفهم و يهددهم ، و لم يكتفي بالنظرات المهددة بل أيدها بمواء خفيض منذر غريب يمزق الأمعاء !
أثار القط بعيونه البراقة و نظراته الغريبة و مواءه المخيف رعب الجماهير و خوفهم .. و وقفوا كلهم على مقاعدهم يتطلعون إلى هذا المخلوق الغريب الصغير الذي يقف في داخل محبسه يهددهم جميعاً .. تركهم السيد " أبولونيوس " ينضجون على مهل ، و أنتظر حتى يبلغوا أقصي مدي خوفهم و جنونهم و تعصبهم الأسود .. و لما تأكد أنهم وصلوا إلى آخر مداهم أشار إلى القزم المشوه .. فأتجه نحو القفص و فتح الكوة الصغيرة و مد يده ليتناول القط الأسود الجميل .. و لكن القط أطبق أنيابه على يد القزم ، صرخ القزم و أخذ يحاول تخليص يده من بين فكي القط القاسيين و لم يفلح في تخليص يده إلا بعد أن كانت سبابته و إبهامه قد طارتا من بين أصابعه !
جن جنون القزم و أخذ يصرخ بجنون و يحاول اقتناص القط و إخراجه من داخل القفص .. إلا أن القط واصل هجومه و عضاته الشرسة لأصابع الرجل حتى تحولت يدي القزم إلى كتلة من الدماء !
و أثار هذا الموقف مزيد من الذعر و الخوف بين الجماهير الحاشدة .. إلا أن المدير بدا علىه غاية الاستمتاع بمقاومة القط الشرسة .. و هتف في جذل بصوت مدوي :
- " سادتي .. لا تتعجبوا لما ترون فهذا القط ليس قطاً عادياً .. بل إنه ليس قطاً على الإطلاق .. سادتي أنتم ترون أمامكم الآن آلهة من آلهة المصريين القدماء العظماء .. إنها القطة باستت الآلهة المقدسة !!"
و هنا أرتفع دوي صوت الجماهير حتى أرتج المسرح بالفعل من علو صوتهم .. و كان رد فعل هذا الإعلان الغريب عجيباً على الجماهير التي جن جنونها و لم تطق صبراً لمشاهدة منظر حرق آلهة وثنية كان يعبدها أعظم شعب في العالم !
و لم يبالي " أبولونيوس " بالإثارة البالغة التي يعاني منها جماهيره بل واصل كلامه رافعاً صوته أكثر و أكثر :
- " لقد أحضرناها من ممفيس موطن القطط المقدسة ! و اشتريناها بثلاثمائة درهم ذهبي.. و سنحرقها الليلة كعقاب لها على الروح الشيطانية التي تسكنها .. أيها السادة لنحرق الشيطان ! "
و بينما كان الأقزام يحدقون بالقطة المسكينة في قفصها و يعدون لها محرقة جديدة على شرفها أخذت الجماهير تردد في جنون على إيقاع تصفيقهم الرتيب و دقات أرجلهم على الأرض :
- " أحرق الشيطان .. أحرق الشيطان .. أحرق الشيطان ! "
أخرج الأقزام القطة من القفص و حاولوا تقييد أقدامها .. و لكنها فجأة أطبقت أنيابها على يد أحدهم و أنشبت مخالبها في ساعد آخر و جرحت ذقن ثالث جرحاً بالغاً أخذ يقطر دماً .. ثم أفلتت من بين أيديهم و أخذت تجري باتجاه الجماهير .. جن جنون الناس و أخذوا يصرخون رعباً و فزعاً عندما مرقت القطة من بين أقدامهم .. و أشار " أبولونيوس " إلى الأقزام فانطلقوا لملاحقة القطة الهاربة .. و أغلقوا باب خيمة المسرح الخارجي و شدوا الأحزمة بين ضلفتي الباب القماشى .. و أخذوا يبحثون عن القطة و هب الجماهير كلهم من أماكنهم و أخذوا يجرون هنا و هناك في رعب و هم يصرخون كالمجانين .. حتى السيدات الأرستقراطيات تخلين عن غطرستهن و ظهرن على حقيقتهن ؛ مجرد دجاجات مذعورة ؛ و أخذن يجرين بدورهن .. و وسط هذه الفوضى عثر أحد الفلاحين من الحضور على القطة مختبئة تحت أحد المقاعد في الظلام .. عرفها عندما وجد عينان تبرقان في ظل أحد المقاعد المرتفعة .. فأشار نحوها و صرخ بصوت عإلى :
- "ها هي ذي القطة .. القطة هناك "
أندفع الأقزام نحو المقعد الذي أشار إلىه الفلاح و حاولوا اصطياد القطة .. و لكنها حاورتهم و ناورتهم و أخذت تندفع وسط المقاعد مثيرة المزيد من الرعب بين الجماهير .. و في هذه الأثناء كان المدير يصرخ بأعلى صوته :
- " أحضروها .. أقتلوها .. لا تدعوها تغادر المسرح و إلا ستجدون الشيطان كل ليلة على أسرتكم ! "
و استمرت عملية الملاحقة وقتاً طويلاً حتى تمكن الناس في النهاية من القبض على القطة المارقة !
و الفضل يعود إلى أحد الصيادين الماهرين الذي كان من ضمن الحضور في هذه الليلة .. فقد أخرج سكينه العملاق الذي لا يفارق جيبه الداخلي .. و ظل يرصد كل حركات القطة الثائرة و انتقالها من مكان لآخر .. حتى مرقت بجوار يده فهوي علىها بسكينه بضربة واحدة .. شقت جانبها !
هوت القطة على الأرض بين صرخات الهستيرىا من الجماهير التي جن جنونها .. و أسترد الأقزام أنفاسهم الهاربة .. فتقدموا نحو القطة المترنحة و أمسكوا بها و شددوا قبضاتهم علىها .. و حملوها صعوداً إلى خشبة المسرح حيث يقف مديرهم يتفصد عرقاً و يرتج كرشه السمين انفعالا .. و أضرم الأقزام ناراً جديدة أخري أشد هولاً ؛ إذ كانت الأولي قد خبت ؛ زودوها بالمزيد من قطع الأخشاب و الكثير من سائل الإحراق كريه الرائحة .. و علقوا القطة التي يتدفق الدم من جانبها بغزارة و دفنوها في أتون الجحيم هذا للحظات .. بينما كانت الجماهير تصيح و تردد في صوت واحد :
- "بعلزبول .. بعلزبول .. بعلزبول ! "
و بعد لحظات لم يعد لقطة باستت المقدسة وجود .. و لم يتبقى منها سوي هيكلها المتفحم .. و أنتهي الخطر !، دوى تصفيق الجماهير و ارتفعت تحياتهم .. و لملموا أشياءهم بعد انتهاء العرض المثير و عادوا لبيوتهم مسرورين ، شاعرين أنهم قد أدوا دوراً عظيماً في إقرار السلام على ظهر الأرض و في هزيمة الشيطان و أعوانه ، كان الجميع مسرورين .. ما عدا الصياد الجسور الذي عاد لبيته و هو يشعر أنه قد أرتكب خطاً جسيماً الليلة .. خطأ سيكون له عواقب وخيمة !
وقفت " سيبيلا " على باب بيتها المتواضع قرب منتصف الليل ترقب عودة زوجها الحبيب .. إنه ليس معتاداً على أن يبقى خارج البيت لهذه الساعة المتأخرة .. و لكنه ألح علىها في الذهاب معه إلى مسرح " إبولونيوس " لمشاهدة عرض ( حرق الشيطان ) فرفضت رفضاً باتاً و قالت له :
- "يرتعش قلبي كلما أحرقوا قطاً مسكيناً لا ذنب له .. ما ذنب هذه المخلوقات البريئة لتُحرق .. إن الشيطان لا يسكن أجسادها بل يسكن عقولنا نحن ! "
و رغم إباءها الذهاب فلم تعترض على رغبته في الذهاب و تركته يذهب بمفرده .. و لكنها الآن تشعر بالقلق الشديد علىه و تتمني لو أنه لم يذهب ! ، و ظلت " سيبيلا " تعاني القلق طويلاً .. حتى لمحت زوجها أخيراً في بداية الشارع الذي يقع بيتهما فيه .. فانطلقت نحوه و عندما وصلت إلىه طوقت رقبته بذراعيها و عانقته بحنان فياض .. و بعد لحظة عاد الزوجين إلى بيتهما الصغير المتواضع الخإلى من الأثاث الفخم و الجواهر و النقود الذهبية و الخدم .. و لكنه ممتلئ بالحب و الوفاء و الصدق و السعادة !
بينما كانت " سيبيلا " تقوم بإعداد العشاء كان " جلاسيوس " زوجها جالس إلى المائدة الخشبية الصغيرة في حالة وجوم و إطراق كامل .. و قامت " سيبيلا " بوضع أطباق العشاء المعتاد على المائدة ثم جلست بجوار زوجها الصامت و سألته بقلق :
- " ما بك يا جلاسيوس ؟ "
و لكنه حاول التهرب من الإجابة و الادعاء بأنه بخير .. و لكنها ألحت علىه حتى أعترف لها بما حدث الليلة في المسرح .. لم تصدق سيبيلا أذنيها و هتفت في رعب :
- "ماذا ؟! "
فأجابها زوجها و يده الممسكة بكوب النبيذ ترتعش :
- " أقول لك شققت بطنها ! "
- " و هل طاوعك قلبك يا جلاسيوس .. ما ذنب هذه القطة المسكينة .. هل خرب الشيطان عقولكم إلى هذا الحد ؟! "
فأغضبت كلماتها جلاسيوس و صاح في وجهها و هو يلوح بذراعيه :
- " لماذا لا تفهمين ! إن الشيطان يسكنها بالفعل .. لو رأيتها و هي تركض و تهاجم الناس و تمزق أيديهم لعرفت أنها لا يمكن إلا تكون إلا صورة للشيطان ! "
فأجابته سيبيلا بنفاذ صبر :
- " أنتم الذين لا تفهمون ! لقد كانت تدافع عن نفسها .. مثل أي مخلوق يجد نفسه محاصر بمن يهاجمونه .. أنت نفسك لو وجدت نفسك في مثل هذا الموقف لركضت و هاجمت الناس و مزقت أيديهم مثلها ! "
و هنا هب جلاسيوس من على مقعده و بحركة مفاجئة قلب المنضدة ؛ بما علىها من طعام ؛ على الأرض و صاح بجنون :
- " أنت تهرطقين ! و لا تريدين أن تعترفي بجهلك و هرطقتك .. لقد أكد القديس " باسيليوس الصليبي " أن بعلزبول يسكن أجساد القطط .. ثم تأتين أنت و يهذين بمثل هذا التجديف الخطير !! "
ذهلت سيبيلا لما فعله زوجها و لما قاله لها و هو الهاديء الرقيق الذي لم يوجه إلىها كلمة غاضبة منذ يوم زواجهما .. و بدون أن يتبادلا كلمة واحدة أوي الأثنين إلى فراشهما .. و لأول مرة في حياتهما المشتركة تنأي " سيبيلا " بعيداً عن " جلاسيوس " في الفراش تاركة مسافة عريضة بينهما و تعطيه ظهرها !
ظل جلاسيوس يحدق في الظلام طويلاً و قد جافاه النوم و أحزنه ابتعاد زوجته الحبيبة عنه للمرة الأولي .. و ظل يصغي لصوت صرار الليل بالخارج حتى شعر بأنه أذنيه تحدبتا و صارتا بارزتين كأذني الخفاش .. و فجأة أحس بأنفاس حارة لاهبة تلامس وجهه .. للحظة أعتقد أنها أنفاس " سيبيلا " فمد يده ليلمس وجهها عندها شعر بأنياب حادة رفيعة تطبق على إبهامه .. صرخ " جلاسيوس " فزعاً ، فهبت زوجته من نومها و أضاءت الشمعة و ألتفتت إلى زوجها في قلق سائلة إياه عما به .. و في الضوء كان وجهه شاحباً شحوب الموتى و راح يردد في فزع :
- "الشبح .. شبحها جاء يهاجمني ! "
فسألته سيبيلا بقلق :
- " أي شبح يا عزيزي ؟! "
فأجابها و صوته يرتعش خوفاً :
-" القطة ! الآلهة التي قتلتها الليلة .. جاءت تثأر مني ! "
مدت " سيبيلا " يدها و ربتت على كتف زوجها و قالت له :
- "لقد كنت تحلم يا عزيزي .. إن هو إلا كابوس .. نم و أهدأ "
فصاح زوجها بجنون :
- "ألا تصدقيني ؟! لقد عضتني .. عضت يدي .. أنظري !"
و مد " جلاسيوس " يده " ليرىها لزوجته في ضوء الشمعة .. و تطلعت " سيبيلا " ليد زوجها طويلاً ثم هزت رأسها في أسف .. و عرف " جلاسيوس " سبب أسفها .. فقد كانت يده سليمة تماماً و لا توجد أي آثار عض علىها !!
في الصباح تلقي " جلاسيوس " تحيات كثيرة من مواطني قريته و لاقي اهتماما أكثر مما تعود طوال حياته .. فقد كان أهل القرية ؛ خاصة ممن كانوا متواجدين في مسرح ( راغوزا ) بالأمس ؛ينظرون إلىه كبطل عظيم .. قتل القطة المخيفة التي تلبستها روح الشيطان و خلصهم من شرورها .. و من يدري .. فربما لولا براعة أبن قريتهم الجسور البارع لكانت الجزيرة كلها قد دخلت في حوزة ( بعلزبول ) اليوم !!
أما " جلاسيوس " نفسه فقد كان يتلقى تحيات أهل قريته بحزن و فتور .. حسب بعضهم أن " جلاسيوس " الصياد البارع قد ركبه الغرور و التيه بما صنعه الليلة الماضية !
و لم يهتم " جلاسيوس " بكل ذلك بل أتجه نحو الغابة حاملاً قوسه و سهامه و بلطته القصيرة عسي أن ينجح في الفوز بصيد ثمين ينسيه القلق الذي يعانيه ..و كانت الشمس المشرقة تملأ جنبات الغابة الرحبة المليئة بالأشجار الكثيفة المتشابكة .. و أختار " جلاسيوس " بقعة خضراء مرتفعة تشرف على أرض الغابة و جلس فوقها مترقباً ظهور أرنب أو خنزير بري ضخم يمثل معيناً غذائيا يكفيه هو أسرته أسبوعين على الأقل .. و طال انتظار " جلاسيوس " حتى جنحت الشمس إلى الغروب دون أن يظهر أمامه هدف يشجعه على اصطياده
و غربت الشمس بالفعل خلف أجمات العإلىة دون أن يبرح " جلاسيوس " مكانه .. فهو متعود على الصبر و انتظار الرزق مهما طال الوقت .. كما أنه لم يكن ممن يخشون الظلام أو يخافون هجمة مباغتة من حيوان متوحش من حيوانات الغابة الليلية ..
و بعد أن تسمرت قدماه من طول الجلوس و من الصقيع لمح حيواناً كبيراً يمرق بسرعة البرق من أمام البقعة التي يجلس فوقها و يهرع ليختبئ في ظلام الأشجار الكثيفة .. فغادر " جلاسيوس " مكانه على الفور و أسرع ليلحق بالحيوان الهارب الذي ظنه أرنباً ضخماً .. و تلمس الصياد الجسور طريقه وسط أشجار الغابة و مخاطرها بحذر .. و دار من حول البقعة التي كان يجلس علىها حتى وصل إلى الموضع الذي اختبأ فيه الصيد المنشود .. و طفق " جلاسيوس " يقترب و يقترب حتى صار على بعد خطوة من مخبأ الحيوان الذي صار أقرب و أكثر وضوحاً .. و ظهرت قوائمه الأمامية في ضوء القمر المبهر .. و أقترب " جلاسيوس " تماماً من الهدف و فجأة ...
شعرت " سيبيلا " بالقلق الشديد لتأخر " جلاسيوس " لهذا الوقت .. فلم تعتد أن تطول رحلات صيده إلى ما بعد غروب الشمس .. و زاد من قلقها و توترها الحالة الغريبة التي يعانيها طفلهما " موريس " منذ الصباح .. فقد ظل الطفل في حالة بكاء مستمر منذ الفجر و رفض الرضاعة أو تناول اللبن حتى الآن .. و لم تطق " سيبيلا " صبراً على طول تأخر " جلاسيوس " فوضعت شالها على كتفيها و غادرت الكوخ ؛ بعد أن أطمأنت إلى أن " موريس " يغط في نوم عميق ؛ و أغلقت الباب وراءها بهدوء و انطلقت للبحث عن زوجها .. و لكنها لم تكد تغادر البيت حتى وجدت زوجها أمامها تملأ السعادة ملامحه و هو يجر وراءه خنزير بري عملاق أصطاده من الغابة .. و عندما وصل عندها أبتسم لها و قال بسعادة :
- "صيد وفير يا " سيبيلا " .. يمكننا الآن ألا نقلق بشأن طعامنا لعام قادم ! "
و ضحك " جلاسيوس " بسعادة و ابتسمت له زوجته و عانقته .. و لكن فجأة انطلقت صرخات الطفل من داخل الكوخ !
هرع الأبوين إلى كوخهما ليطمئنا على صغيرهما الذي يصرخ بصورة مروعة .. و سبق " جلاسيوس " زوجته و دفع باب الكوخ بعنف فأنفتح كاشفاً عن منظر مخيف !
كان الطفل راقداً في مهده المبتل يصرخ بفزع .. و عند رأسه يقف قط أسود قبيح ذو عينيين براقتين تلمعان لمعاناً غريباً و قوائمه الأمامية فوق وجه الطفل تماماً !
ذعر " جلاسيوس " لهذا المشهد و لحقت به زوجته و عندما وقع بصرها على المشهد المخيف ذعرت أكثر منه و سدت فاها بيدها لتمنع نفسها من الصراخ .. و تجمد الأبوان لدي الباب غير قادرين على التحرك لنجدة طفلهما .. و " جلاسيوس " بالذات لم يجرؤ على الحركة قيد أنملة لأنه كان يعرف أن أي حركة طائشة قد تكلف طفلهما حياته .. و ظل القط الأسود القبيح يموء مواءً غريباً يجمد الدم في العروق و هو يتفحصهما بعينيه اللتين تلمعان لمعاناً عجيباً .. و طال الموقف و اشتدت وطأته على أعصاب الأم الشابة و أفلتت منها أعصابها و أوشكت على التحرك من مكانها لنجدة طفلها .. و أحس " جلاسيوس " بعزم زوجته على التحرك فأمسك يدها بحزم و قال لها في صوت خفيض آمر :
- "لا تتحركي .. إنها تريدني أنا ! "
و ببطء بدأ " جلاسيوس " ينتزع قدميه من الأرض و يتحرك حركة هادئة للغاية نحو مهد أبنه الذي تقف عند رأسه القطة مهددة متوعدة .. و ظلت القطة هادئة في مكانها ترقب حركة " موريس " التي تكاد لا تُلحظ .. و ظل الصياد يقترب رويداً رويداً من المهد حاسباً أن شبح القطة المخيفة لن يقدم على التحرك .. و لكن فجأة تحركت القطة .. و قبل أن يدرك الزوجين ما يحدث أمامهما وثبت القطة في الهواء عدة أمتار .. ثم هوت على وجه الصغير مباشرة و أبرزت مخالبها الحادة و أنشبتها في فتحتي عينيه !
صرخ " جلاسيوس " و طار ليمسك بالقطة و لكنها وثبت مرة أخري و قابلته في منتصف الهواء و أطبقت أنيابها على أذنه .. ثم سقطت على الأرض و اختفت !
طارت " سيبيلا " نحو مهد طفلها .. و كان الطفل يصرخ صراخاً ملتاعاً يمزق القلوب .. و لكن صراخ أمه كان أعلى عندما رأت عيناه و قد تحولتا إلى مجرد فجوات سوداء تتدفق منها الدماء !
لم تمر على " جلاسيوس " ليلة أسوأ من هذه في حياته .. ظل طوال الليل جالساً على عتبة الكوخ محدقاً في السماء و قد بدا علىه أنه لا يعرف من هو
.. أما " سيبيلا " فقد قضت ليلتها تعوي على الأرض و تصرخ و هي تحاول وقف نزيف الدم المتدفق من عيني طفلها المظلمتين .. و عندما أشرق الصباح لفت طفلها في خرقه الكثيرة و وضعت شالها على كتفيها و حملت الطفل شبه الميت و خرجت تجري من الكوخ نحو بيت الطبيب .. حاول " جلاسيوس " مرافقتها و لكنها أبعدته عنها بعنف و صاحت في وجهه و هي تبدو كالمجنونة :
- " أبتعد عنا ! أبتعد .. لقد جلبت علىنا اللعنة بفعلتك ! لن ننجو برفقتك .. تريد مجداً أيها الصياد الذي لا يخطئ هدفاً ؟! فأسعد بمجدك الآن ! "
و حملت " سيبيلا " طفلها و لم تلبث أن اختفت في ظلال الأشجار .. أما " جلاسيوس " فقد بكى في هذا اليوم أكثر مما بكى طوال عمره ، في بواكير الصباح فوجئ مدير مسرح ( راغوزا ) السيد " أبولونيوس " بأحد الأقزام الذين يعملون في خدمته يدخل علىه خيمته و يوقظه ليخبره بأن الصياد " جلاسيوس " يطلب لقاءه الآن بإلحاح !
تململ " أبولونيوس " البدين في فراشه و سأل قزمه التابع بصوت ناعس :
- "و من يكون الصياد " جلاسيوس" هذا ؟! "
فأجابه القزم :
- "إنه الصياد الذي قتل الآلهة المصرية يا سيدي الليلة قبل الماضية .. صياد ماهر فيما أسمع "
فرد " أبولونيوس " حانقاً :
- "و ماذا يرىد ؟! هل يرىد أجر قزم على اشتراكه في العرض ؟!"
- "فلتخبره بأنني نائم الآن .. و إذا أحب مقابلتي فليعود في العصر ! "
أومأ القزم برأسه و هم بالعودة إلى " جلاسيوس " ليخبره بما قاله سيده .. و لكن " جلاسيوس " أقتحم الخيمة فجأة و أزاح القزم من أمامه و أنتزع المدير من فراشه و صاح في وجهه :
- "يجب أن تساعدني.. قطتك الملعونة أرسلت روحها لتطاردني .. يجب أن تخبرني كيف أتغلب علىها ! "
غادر " جلاسيوس " خيمة السيرك و هو شاعر بخيبة أمل مريرة .. لم يفده " أبولونيوس " البدين بشيء ذو قيمة و قال له أنه لم يشتري القطة من مصر بنفسه ، بل أبتاعها من تاجر فارسي في فينيسيا أخبره أنها أحضرها من ( ممفيس ) الشهر الماضي .. و لا يعرف شيء سوي أن المصريون قالوا له أنها قطة إلهية مقدسة و حذروه من المساس بها.. و عندما توسل إليه أن يخبره كيف يتلخص من لعنتها أجابه البدين بدون اهتمام :
- " إذهب إلى مصر و أسأل المصريون و هم سيخبرونك ! "
- " يذهب إلى مصر ؟! كيف ؟! "
- " إنه يمكنه الذهاب .. و لكن ليس إلى مصر .. بل إلى الكنيسة ! "
عاد " جلاسيوس " إلى كوخه آخر النهار و قد هده التعب و الحزن . و أرهقه الجولان في المدينة و عدم الأكل أو الشرب .. و هناك وجد زوجته قد عادت !
وجدها جالسة على الأرض وراء الباب المغلق و قد وضعت طفلها فوق ساقيها و أخذت تربت علىه بحنان .. بينما الدموع تتدفق من عينيها المظلمتين حزناً و جزعاً و وجهها أصبح كوجه سيدة في الثمانين .. دخل " جلاسيوس " بهدوء و تطلعت إلىه " سيبيلا " من تحت طرحتها السوداء التي تغطي نصف وجهها .. لم يجرؤ على الكلام و لم تفتح هي فمها و لكنها أزاحت الغطاء عن وجه الصغير لتريه الضمادات البيضاء التي تغطي فجوات عينيه .. تصلب لب قلب " جلاسيوس " و أحس بسكين حامية تنخر قلبه .. فجلس جوار زوجته على الأرض و ضمها إليه في صمت !
بعد أيام تحسنت صحة الطفل " موريس " و نجا من مرض الموت الذي ألم به .. و لكن الأبوين لم يسعدا بنجاته .. و كان منظر تجاويف عينيه المظلمة تنغص ليلهما و نهارهما !
و لكن " جلاسيوس " لن ينس ثأره مع القطة الشبح .. فلتكن آلهة أو شيطانة .. فلن يردعه شيء عن الانتقام منها ، أما " سيبيلا " فقد ركبها الخوف و الفزع و كانت تحس أن من حدث لصغيرهما ليس إلا مقدمة لفواجع أخري ستتوالى !
ازدهرت الغابة في الربيع و امتلأت بصغار الحيوانات الوليدة التي لم تلبث أن شبت و اكتنزت باللحم مبشرة بموسم صيد طيب .. و خرجت جموع الصيادين في مجموعات كبيرة للانتفاع ببشائر الصيد الوفيرة .. و لكن " جلاسيوس " لم يخرج معهم كعادته .. فقد فضل أن يبقى في كوخه الصغير ليحرس زوجته و أبنه من أية هجمة غادرة من عدوته التي لم تظهر ثانية !
و رغم أن " سيبيلا " طلبت منه الخروج إلا إنه أبي أن يرافق زملاءه الصيادين في رحلة صيد قد تستغرق أسبوعاً على الأقل معتمداً على الصيد الفردي الذي يقوم به في الغابة كل يوم !
و ذهب " جلاسيوس " في هذا الصباح إلى الغابة ليحصل على صيد مناسب .. و عندما دخل الغابة فوجئ بأرنب بري ضخم ساقط عند أشجار الدردار العملاقة التي تملأ الساحة الأمامية للغابة .. فرح " جلاسيوس " كثيراً بهذا الصيد غير المتوقع و أخذ الأرنب و علقه من أقدامه في عصا طويلة حملها خلف ظهره .. و بعد بضع خطوات وجد أرنباً ثانياً ضخماً مثل الأول ميتاً أيضاً تحت قدمي شجرة عملاقة .. و يبدو أن " بان " كان راضياً غاية الرضا عن " جلاسيوس " الماهر اليوم فسرعان ما امتلأت عصاه بالحيوانات المعلقة دون جهد يذكر !
و لم يفكر " جلاسيوس " كثيراً في أمر هذا الصيد الوفير الذي جاءه يسعى .. بل أهتم بجمع الحيوانات الميتة و حملها ؛ على أن يقوم في البيت بفحصها و استبعاد التالف منها ..
و دون أن يشعر توغل " جلاسيوس " في الغابة أكثر مما يجب .. و بغتة وجد نفسه في جزء مجهول له من الغابة .. جزء ممتلئ بأعشاب صفراء غريبة و أشجار لا يعرف أسماءها مصطفة في صفوف لا تنتهي .. و حاول " جلاسيوس " التراجع و العودة من حيث أتي و لكنه لم يتمكن من معرفة الطريق الذي أتي منه .. و كلما حاول التراجع وجد نفسه يدور حول نفسه و يتقدم أكثر و أكثر في طرق و ممرات غريبة لم يعرفها من قبل .. و هنا أنتبه " جلاسيوس " لشيء لم يفكر فيه من قبل .. فهل من قبيل المصادفة أن يجد كل هذه حيوانات الصيد الميتة في طريقه و كأنها تنتظره ؟!!
و فجأة تراجع القمر ملقياً ظلالاً غريبة و ظلاماً دامساً على الغابة ..
و في اللحظة التالية أنقض شيء قوي على وجه " جلاسيوس " .. شيء ليس بضخم و لكنه قوي بالغ الضراوة .. أندفع الشيء و هجم على عنق " جلاسيوس " و سقط الاثنان معاً على الأرض و الشيء المتوحش يواصل تمزيق عنق " جلاسيوس " و وجهه .. حاول " جلاسيوس " المقاومة و لكن الشيء كان قوياً للغاية و في غاية القسوة .. حاول " جلاسيوس " الوصول إلى أي شيء يدافع به عن نفسه و بعد محاولات مستميتة تمكن من القبض على سكينه العملاق و دفعها في وجه هذا الشيء البغيض الذي يهاجمه .. و لكن الشيء لم يشعر بالطعنة و لم يتحرك من مكانه .. و كأنه ليس من لحم و دم !
قبيل الفجر عاد " جلاسيوس " إلى بيته .. كان وجهه و عنقه و صدره ممزقة ببشاعة و ملابسه ملطخة بالدماء .. فزعت " سيبيلا " لمنظره و أندفع الولد الأعمى في بكاء غريب و كأنه يرى و يعرف ما حل بأبيه .. دفع " جلاسيوس " الباب في عنف و صرخ في وجه زوجته :
- " اهربي .. اهربي .. خذي الولد و اهربي .. إنها قادمة وراءي ! "
حدقت " سيبيلا " فيه بفزع و عجزت عن النطق .. و لكن " جلاسيوس " حمل الولد و وضعه على كتفها و دفعها نحو الخارج و هو يصيح بيأس :
- " اهربي .. اهربي .. لا وقت هناك ! "
لم تتحرك " سييبيلا " من مكانها و تشبثت بذراع زوجها و هتفت به بعينين ممتلئتين بالدموع :
- "تعال معنا .. تعال معنا ! "
فأجابها " جلاسيوس " بيأس :
- "لو ذهبت إلى آخر الدنيا ستأتي وراءي .. أذهبوا و عيشوا في أمان .. هيا إلى الدير بسرعة .. إنها قادمة ! "
هرولت " سيبيلا " في الليل المظلم إلى الدير القريب .. و قبل أن يبتلعها الليل كان مواء مخيف يقترب من كوخ " جلاسيوس " الصياد .. و اندفعت قوة عاتية لتخلع الباب من مكانه و تلقي به على الأرض بصوت دوي في أنحاء ( راغوزا ) .. و وقف " جلاسيوس " على قدميه ليواجه المصير المظلم الذي ينتظره .. و عند نهاية ممر الأشجار ظهرت عينان ناريتان تلمعان لمعاناً وحشياً .. و بعد لحظات سُمع صوت " جلاسيوس " الصياد و هو يصرخ طالباً النجدة .. و لم يكن هناك من يجرؤ على نجدته !
في الصباح التالي كان كوخ الصياد " جلاسيوس " خالياً من أي آثار سوى معطف ممزق ملقي أسفل الفراش .. و لم يعرف مصير الصياد البارع بعد ذلك .. و إن كان حرق القطط قد توقف في صقلية نهائياً !
نبذة عن المؤلفة
منال عبد الحميد من مواليد عام 1981 وحاصلة علي ليسانس أداب وتاريخ و و تعشق الأدب كثيراً ولها مجموعة من القصص القصيرة وتعتبر الأديب الكبير يوسف إدريس صاحب الفضل عليها في تنمية مواهبها الأدبية وتعمل حالياً في مدرسة لمادة الدراسات الإجتماعية في مدرسة خاصة وتقيم في مدينة البلينا -مصر.
إقرأ أيضاً ...
- الأطفال القطط : أسطورة من صعيد مصر
نبذة عن المؤلفة
منال عبد الحميد من مواليد عام 1981 وحاصلة علي ليسانس أداب وتاريخ و و تعشق الأدب كثيراً ولها مجموعة من القصص القصيرة وتعتبر الأديب الكبير يوسف إدريس صاحب الفضل عليها في تنمية مواهبها الأدبية وتعمل حالياً في مدرسة لمادة الدراسات الإجتماعية في مدرسة خاصة وتقيم في مدينة البلينا -مصر.
تأليف : منال عبد الحميد
المراجعة والإخراج الفني : كمال غزال
إقرأ أيضاً ...
- الأطفال القطط : أسطورة من صعيد مصر
للاسفالبشر هم الشياطون الحقيقيون الجزاء من جنس العمل من يفعل شئ سواء كان خير او شر سيرد له ان لم يكن فى الدنيا يكون فى الاخره sa
ردحذف