في بلدة خيالية تدعى ديري بولاية مين الأميركية، في صيف عام 1989، يجتمع سبعة من الأطفال المنبوذين اجتماعياً لتشكيل ما يُعرف بـ «نادي الخاسرين» (The Losers’ Club).
تبدأ الأحداث حين يُفقد جورجي وهو الشقيق الأصغر لـ بيل، بعد أن حاول اعادة قاربه الورقي من المجاري المائية أثناء سقوط المطر، لكنه يقع في مجرى الصرف ليرى هناك المهرج الشهير Pennywise الذي يستدرجه، ثم يختفي.
لاحقاً، ومع تكرار حالات اختفاء الأطفال وظهور كائن خارق يلتهم ضحاياه من الأطفال يُدرك النادي أن مصدر الرعب ليس بشراًً فحسب، بل كائن يتقّص الصورة التي تخشاها، ويأخذ شكل المهرج ليجذب ضحاياه.
الأطفال، رغم خوفهم من التنمر، والتخويف، والانفصال عن ذويهم، يضطرون لمواجهة كائن يشكل تجسيداً مخيفاً لأسوأ كوابيسهم: التنمر، العزلة، الذنب، الخجل، الإهمال الأسري.
في معركة أخيرة عند مأوى المهرج تحت الأرض، يتحدون معاً، وينجحون في مواجهته بشكل ما ليقطعوا بوعد الدم أن يعودوا بعد 27 سنة إذا عاد الرعب.
أصل الرواية
الفيلم هو اقتباس من رواية الكاتب الأميركي الشهير ستيفن كينغ الصادرة عام 1986 تحت عنوان It ، تُعد الرواية من الأعمال الطويلة والمعقدة التي تجمع بين رعب خارق، قصة طفولة/بلوغ، وأسئلة وجودية عن الخوف، الجماعة، والتضحية.
من المحفزات التي دفعت إلى إنتاج الفيلم: شهرة الرواية، التفاعل الكبير مع موضوع المهرج الشرير «Pennywise» الذي أصبح رمزاً للرعب، إضافة إلى رغبة استوديوهات الإنتاج في إعادة تفسير هذا العمل بأسلوب متداول وحديث، بعد أن كانت نسخة التلفزيون قديمة نسبياً.
الفيلم يركز على جانب الطفولة من الرواية، مع نية إنتاج جزء ثان لمعالجة مرحلة البلوغ مما يوفر فرصة لتوسيع العرض السينمائي بدلاً من محاولة حشر الرواية الكاملة في فيلم واحد.
الفرق بين إصداري 1990 و2017
قبل إصدار فيلم 2017، كان هناك إصدار تلفزيوني أو شبه سينمائي سنة 1990 استند أيضاً إلى رواية ستيفن كينغ. يمكن تلخيص الفوارق الرئيسية كالتالي:
- نسخة 1990 عمل تلفزيوني/ميني-سيريز، بينما 2017 إصدار سينمائي ضخم.
- النسخة 2017 تستفيد من تقنيات بصرية حديثة، مؤثرات خاصة أكبر، وقدرة على تقديم رعب أكثر حدة وصراحة .
- من حيث القصة، ركزت نسخة 2017 على الجزء الطفولي من الرواية، بينما النسخة 1990 كانت تغطّي جزئين أو أكثر ربما الطفولة والبلوغ معاً.
- رد فعل الجمهور والنقاد كان مختلفاً: نسخة 2017 لاقى نجاحاً كبيراً تجارياً، بينما نسخة 1990 أصبحت كلاسيكية أكثر ضمن التلفزيون ولكن قيود الـ تقنيات والميزانية كانت ملموسة.
هل استلهم ستيفن كينغ روايته عن مهرج قاتل حقيقي ؟
في سبعينيات القرن الماضي، عاشت الولايات المتحدة واحدة من أكثر الجرائم غرابة ورعباً في تاريخها الحديث، بطلها جون واين غايسي ، الذي اشتهر بلقب «المهرج القاتل» وهو قاتل متسلسل.
كان غايسي يعمل في الحفلات الخيرية ويتنكر باسم بوغو المهرج Pogo the Clown ليرسم البسمة على وجوه الأطفال، بينما كان يخفي خلف تلك الملامح الملونة سلسلة من الجرائم البشعة؛ فقد قام بين عامي 1972 و1978 باختطاف وقتل ما لا يقل عن 33 صبياً وشاباً، دفن معظمهم تحت أرض منزله في ولاية إلينوي. وعندما انكشف أمره عام 1978، أصيب المجتمع الأميركي بصدمة عميقة، إذ تحطمت صورة المهرج البريء إلى الأبد، وولِدَ من رحمها رعب جديد: رعب الوجوه المزيفة التي تخفي وحشاً خلف "ابتسامة بريئة".
بعد سنوات قليلة، جاء ستيفن كينغ ليحول هذا الرعب الواقعي إلى أسطورةٍ خيالية خالدة في روايته It التي صدرت عام 1986. كتبها كينغ بعد أن أصبحت أخبار غايسي جزءاً من الذاكرة الجماعية الأميركية، فابتكر كياناً خارقاً يدعى Pennywise - مهرج يتغذى على الخوف، يظهر للأطفال فقط، ويجسد أكثر كوابيسهم ظلمة.
لا يوجد تصريح مباشر من كينغ بأنه استلهم غايسي، لكن التشابه الرمزي لا يمكن تجاهله: المهرج الذي يستدرج الأطفال إلى الظلام، المدينة التي تتغاضى عن الشر المتخفي في ثياب البهجة، والابتسامة التي تبتلع البراءة.
منذ ذلك الحين، لم يعد المهرج رمزاً للضحك، بل صار أيقونة للرعب النفسي والاجتماعي. في الذاكرة المعاصرة، يمثل المهرج المخيف تجسيداً لهلع إنساني عميق: الخوف من الزيف، ومن أن يكون الشر أقرب مما نظن.
معلومات عن الفيلم
كتابة : رواية لـ ستيفن كينغ (تشايس بالمر - كاري جوجي فوكوناغا - غاري داوبرمان)
تمثيل : جايدن مارتل - جيريمي راي تايلور - صوفيا ليليس
سنة الإنتاج : 2017
شاهد برومو الفيلم
نبذة عن كمال غزال
باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".


0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .