4 أكتوبر 2025

فيلم The Entity

فيلم The Entity - جنس مع الأرواح - والجن العاشق
إعداد : كمال غزال

امرأة وجدت نفسها محاصرة في كابوس لا ينتهي. تبدأ القصة حين تتعرض كارلا، وهي أم عزباء، لاعتداء جنسي عنيف من كيان غير مرئي داخل منزلها. ومع توالي الليالي، تتكرر التجربة بشكل متصاعد: ضغط على الجسد، أصوات غامضة، وأفعال جنسية لا يمكن تفسيرها.


حاولت كارلا أن تجد العون لدى الأطباء النفسيين، الذين فسروا حالتها على أنها هلوسات مرتبطة بصدمة أو ضغط نفسي. لكن الظاهرة أخذت أبعاداً أكثر غموضاً، دفعت مجموعة من الباحثين في الباراسيكولوجي إلى التدخل ورصد الظواهر الغريبة في منزلها.

 وهكذا يصبح الفيلم صراعاً بين العلم والعالم الخفي، وبين التفسير النفسي والماورائي، وصولاً إلى سؤال جوهري: هل يمكن لكيان غير مرئي أن يعبر حدود الجسد الإنساني ؟


السبكتروفيليا: الجنس مع الأشباح

يرتبط الفيلم بشكل مباشر بمصطلح  سبكتروفيليا Spectrophilia، وهو مصطلح غربي يصف الانجذاب الجنسي أو العلاقات الجنسية مع الأشباح والأرواح. لطالما ارتبطت هذه الظاهرة في الفلكلور العالمي بفكرة الجن العاشق في الثقافة العربية، أو  السقوبة/الحضون Succubus/Incubus في أوروبا المسيحية، حيث يُعتقد أن كيانات ماورائية تمارس الجنس مع البشر، أحياناً برضاهم وأحياناً قسراً.

السبكتروفيليا ليست مجرد أسطورة؛ فهي محور شهادات حديثة سجلها معالجون روحانيون ومتخصصون في علم النفس، حيث أبلغ بعض الناس عن شعور واضح باللمس، الضغط، أو حتى الوصول إلى النشوة الجنسية مع كيانات غير مرئية. هذا ما يجعل الفيلم أكثر من مجرد رعب خيالي؛ إنه انعكاس لفكرة حقيقية تثير الجدل بين الماورائيين والعلماء على حد سواء.


الفيلم يستند إلى قصة حقيقية

وراء فيلم The Entity تقبع قصة حقيقية أكثر إثارة للجدل. البطلة "كارلا موران" لم تكن إلا إعادة تصوير لتجربة واقعية عاشتها امرأة أمريكية تُدعى دوريس باثر (Doris Bither) في سبعينيات القرن الماضي.

دوريس كانت تعيش في كاليفورنيا مع أولادها، وادعت أنها تعرضت لاعتداءات متكررة من ثلاثة كيانات شبحية. ما جعل قضيتها فريدة هو أن فريقاً من الباحثين بقيادة كيري غاينور وباري تاف من جامعة كاليفورنيا زار منزلها عام 1974، وسجّل بالفعل ظواهر غير عادية مثل ومضات ضوء غامضة وأصوات غير مفسرة.



لكن رغم هذه الملاحظات، لم يتمكن العلماء من إثبات وجود الأشباح بشكل قاطع، مما أبقى القضية عالقة بين شهادة الضحية ومحاولات التفسير العلمي. ومع ذلك، أصبحت حادثة دوريس باثر من أشهر القضايا الماورائية المرتبطة بالاعتداءات الروحية، وهي التي ألهمت كتابة الفيلم وإنتاجه.


بين الرعب والواقع

لم يكن فيلم The Entity مجرد قصة رعب عابرة، بل فتح الباب لنقاشات واسعة حول طبيعة التجارب الجنسية الخارقة. هل هي مجرد هلوسات نفسية مرتبطة باضطرابات عقلية وضغوط حياتية ؟ أم أنها تجارب حقيقية تثبت إمكانية تداخل العوالم ؟

في الإسلام مثلاً، تُفسر مثل هذه الحالات على أنها من فعل الجن العاشق الذي يتلبّس ضحيته بدافع الشبق أو الانتقام. بينما في علم النفس الغربي، غالباً ما تُربط هذه الظواهر باضطراب النوم (شلل النوم) أو الصدمات النفسية الجنسية.


إرث سينمائي وثقافي

منذ صدوره، احتل The Entity مكانة خاصة في تاريخ أفلام الرعب. فهو ليس مجرد فيلم أشباح تقليدي، بل عمل يستند إلى قضية واقعية موثقة نسبياً، ما جعله أكثر رعباً وتأثيراً. كما ساهم في إدخال مصطلح سبكتروفيليا إلى الثقافة الشعبية، وربطه مباشرة بفكرة "الاغتصاب الروحي".

الفيلم اليوم يُعتبر مرجعاً كلاسيكياً في سينما الرعب الماورائي، ومادة خصبة للنقاش بين الباحثين في الظواهر الخارقة والباراسيكولوجي، وكذلك بين علماء النفس الذين يحاولون تفسير ما لا يُفسَّر.

وفي الختام يظل فيلم The Entity علامة فارقة بين الخيال السينمائي والواقع الغامض، لأنه استلهم أحداثه من تجربة حقيقية ما تزال تثير الحيرة حتى الآن. وهو يفتح الباب أمام أسئلة كبرى عن حدود الجسد، والعلاقة بين الروح والجنس، وما إذا كان هناك عالم خفي يتقاطع مع أكثر الغرائز الإنسانية بدائية.


بهذا المعنى، فإن The Entity ليس مجرد فيلم رعب، بل مرآة لمخاوفنا العميقة من المجهول، ونافذة على ظاهرة تجمع بين الأسطورة والعلم، بين الرغبة والخوف.

معلومات عن الفيلم

التصنيف  : رعب خوارق - رعب نفسي
اللغة        : الإنجليزية
كتابة        : فراند دي فيليتا
إخراج      : سيدني جاي فوري
تمثيل        : باربرا هيرشي - رون سيلفر - ديفيد لابيوسا
سنة الإنتاج : 1982

شاهد برومو الفيلم



نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .