4 يونيو 2025

فيلم Succubus : شيطانة الجنس

إعداد : كمال غزال
في زمن أصبحت فيه تطبيقات المواعدة مرآة لوحدة الإنسان المعاصر، يأتي فيلم Succubus (شيطانة الجنس) الصادر عام 2024 ليطرح سؤالاً مرعباً: ماذا لو لم تكن المرأة التي تراسلها إنسانة من الأساس ؟

يقدم هذا الفيلم الأميركي المستقل توليفة نفسية ماورائية مشحونة بالتوتر والعزلة، ويمزج بين الرعب الباطني وأساطير قديمة عن شياطين تتغذى على رغبات البشر، في سردٍ يثير القلق أكثر مما يقدّم أجوبة.

قصة الفيلم Synopsis
البطل هو "ديفيد"، أب جديد يعاني من إرهاق مزمن، وشكوك ذاتية، وزواج ينهار ببطء. بعد ولادة طفلته الأولى، يبدأ يشعر بأنه غير مرئي، غير مرغوب، وغارق في شعور دائم بالعجز. يقرّر ديفيد، في لحظة ضعف، أن ينزّل تطبيق مواعدة ، تجذبه امرأة غامضة تُدعى "لورا"، تبدو مختلفة عن الأخريات: جميلة بشكل مقلق، تحدّثه بأسلوب يعرف نقاط ضعفه بدقة، وتطلب لقاءه في منزلها بعد محادثة قصيرة.

منذ تلك الليلة، تبدأ حياة ديفيد بالانهيار: كوابيس تتكرّر، طاقة جسدية تتناقص، مشاعر جنسية مختلطة بالخوف، وظهور علامات غريبة على جسده… ومع الوقت، يدرك أن "لورا" ليست بشراً. بل مخلوقاً ما… كأنها تتغذّى عليه. ليس فقط على جسده، بل على رجولته، هويته، وحتى روحه.

تقييم النقاد والجمهور
رغم أن فيلم Succubus لم يحظَ بإصدار واسع، إلا أنه ترك أثراً لدى من شاهدوه:

- في موقع Letterboxd حصل الفيلم على تقييم متوسط بلغ 3.5/5 مع تعليقات تشيد بجوّه الكئيب وأداء الممثل الرئيسي (Noah Segan).

- بعض النقاد اعتبروه "فيلماً عنفوانياً بميزانية محدودة لكنه ذكي في رسالته الرمزية"، في حين انتقد آخرون نهايته الغامضة وعدم وضوح أصل الكيان الأنثوي.

- وصفه الجمهور بأنه "يشبه كابوساً بطيئاً… يزداد سوءاً كلما بدا أنه يتحسّن".

جذور أسطورة شيطانة الجنس  في الغرب
شيطانة الجنس أو Succubus في الفولكلور الغربي هي كيان أنثوي تظهر في هيئة امرأة جذابة أثناء النوم، وتقوم بإغواء الرجال لسحب طاقتهم الحيوية عبر علاقة جنسية. هذه الأسطورة تعود للعصور الوسطى، وارتبطت بالخوف من الشهوة والذنب الجنسي، وغالبًا ما كانت تفسّر الهلاوس الليلية أو الشلل النومي.

اللافت أن الفيلم لا يقدّم الكيان بشكل صريح، بل يتركه في منطقة ضبابية: هل "لورا" كيان خارق بالفعل؟ أم مجرد إسقاط نفسي لرغبة ديفيد بالهروب من مسؤولياته ؟

الجنيّة العاشقة : نسخة إسلامية مرادفة
ما يثير الاهتمام هو التشابه العميق بين فكرة شيطانة الجنس  Succubus وبين "الجنّية العاشقة" في الفولكلور الإسلامي. يُعتقد في بعض الموروثات أن الجنيّات قد يعشقن رجلاً بشرياً، ويظهرن له في المنام أو الخلوة، ويقمن بعلاقة معه تؤدي إلى إنهاكه جسدياً وروحياً.

تمامًا كما في الفيلم، تظهر هذه الكائنات غالباً في فترات الضعف: الحزن، العزلة، أو الفتور الجنسي مع الشريك. والنتيجة دائمًا متشابهة: استنزاف تدريجي، اضطراب نفسي، ومشاعر من الغربة أو انفصال عن الذات.

قراءة رمزية: الرغبة كطُعم للهاوية
فيلم Succubus لا يتعامل مع "الكيان" كمجرد وحش، بل يجسّد من خلاله صراعاً داخلياً: كيف يمكن للرغبة المكبوتة، والخيانة العاطفية، والهرب من الواقع، أن تُفتح باباً لما يشبه اللعنة.

وفي هذا، يُشبه الفيلم كابوساً أخلاقياً معاصراً، حيث تنقلب أدوات التواصل الحديثة إلى ممرّات خفية لما هو أبعد من الإنسان.

فيلم Succubus ليس فيلم رعب تقليدي، بل تجربة بصرية ونفسية عميقة. ومثل كل الأساطير التي لا تموت، فهو يعيد طرح سؤال قديم بصيغة حديثة:

هل كل من ترغب فيك… بشر ؟  أم قد تكون شيئاً آخر، جاء فقط ليأخذ منك شيئاً لن تسترده أبداً ؟


معلومات عن الفيلم
- الفئة    : نفسي ماورائي
- اللغة   : الإنجليزية
- تمثيل  : بريندن برادلي - اوليفيا جرايس ابليجايت
- إخراج : آر جاي دانييل حنا
- كتابة   : آر جاي دانييل حنا
- تاريخ الإنتاج : 2024

شاهد افتتاحية الفيلم


0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .