6 سبتمبر 2025

فيلم Hellraiser

فيلم هيلرايسر - Hellraiser - رعب سادي مازوخي
إعداد : كمال غزال
منذ فجر التاريخ، كان البشر مهووسين بفكرة الألم واللذة، وبالحد الفاصل بينهما ، في الحكايات الشعبية القديمة، نسمع عن صناديق سحرية أو أختام غامضة تُفتح فقط على يد من يملك الشجاعة أو الطيش، لتكشف عن عوالم أخرى مليئة بالكائنات الغريبة والعذاب السرمدي.

في الأساطير الشرقية، هناك قصص عن "مفاتيح الجحيم" التي تُمكّن الساحر من استدعاء الشياطين مقابل ثمن فادح وفي الحكايات الأوروبية المظلمة، نسمع عن شخصيات تبيع أرواحها للشيطان مقابل لذة أو قوة، مثل أسطورة "فاوست" الذي عقد صفقة مع مفيستوفيليس.

هذه القصص جميعها تدور حول رغبة بشرية خالدة: تجاوز حدود الممنوع، بحثاً عن متعة خفية أو معرفة محرمة، لكن دائماً بثمن يتجاوز قدرة الإنسان على الاحتمال.

يلتقط فيلم Hellraiser هذه الفكرة الأسطورية ويحوّلها إلى حكاية معاصرة ، فالصندوق الغامض المعروف باسم  لامنت Lament Configuration ليس مجرد قطعة أثرية، بل بوابة إلى عالم آخر، عالم تقطنه كائنات تسمى سينوبيتس Cenobites لا تفرق بين الألم واللذة، ترى العذاب نوعاً من النشوة، وتُغري البشر برغباتهم حتى يفتحوا الباب بأيديهم.

تمامًا كما في القصص الشعبية حيث يكون الفضول هو الخطيئة الأولى، يبدأ فيلم Hellraiser برغبة بشرية جامحة، لكن ما ينتظر في الجانب الآخر من الباب ليس نعيماً ولا معرفة… بل جحيم يفوق أبشع الكوابيس، حيث يختلط الصراخ بالضحك، والدموع باللذة، ويصبح البشر أدوات في لعبة شيطانية لا مفر منها.

بهذا التمهيد، يضعنا الفيلم أمام سؤال قديم قدم الإنسان نفسه: هل نحن من يفتح أبواب الجحيم… أم أن الجحيم هو الذي ينتظر الفرصة ليقتحم عوالمنا ؟

في فترة السبعينيات وأوائل الثمانينيات، كان الرعب في السينما الغربية يميل إلى نوعين أساسيين:

أفلام القتلة المتسلسلين (Slasher Films)

مثل Halloween وFriday the 13th، حيث هناك قاتل مختل يطارد المراهقين واحداً تلو الآخر.

أفلام الرعب الخفيف أو التجاري

التي تمزج بين الرعب والكوميديا، أو الرعب السطحي الذي يعتمد على الصدمات (Jump Scares) دون عمق نفسي.

هذه الأنماط أصبحت مستهلكة ومتوقعة، حتى أن الجمهور كان يعرف ما سيحدث تقريباً.

عندما ظهر Hellraiser (1987)، أتى كليف باركر بمفهوم مختلف تماماً ، بدلاً من قاتل بشري مختل، قدم كيانات ميتافيزيقية (Cenobites) تمثل الألم واللذة في أقصى صورها، كرمزية فلسفية عن الرغبة الإنسانية والفساد الأخلاقي ، الرعب لم يكن فقط من سفك الدماء، بل من أفكار استكشاف حدود اللذة وكيف يمكن للفضول والطمع أن يفتحا بوابة إلى الجحيم.

التصوير كان فنياً وغرائبياً، مع تصميم بصري معقد لشخصيات مثل شخصية ذو الوجه الأبري Pinhead، ما أعطى الفيلم هوية فريدة لم تكن موجودة في أفلام الرعب حينها.

البداية الأسطورية (فيلم 1987)

أحدث فيلم Hellraiser المستنداً إلى رواية قلب المصير الجحيمي  The Hellbound Heart لـ كليف باركر، ضجة في عالم الرعب منذ صدوره. ميزه بميزانية متواضعة (حوالي مليون دولار) وعائدات ضخمة (نحو 30 مليون دولار)، فضلاً عن تأثيره البصري والنفسي العميق.  وقد تنوعتالآراء آنذاك بين النقد الذي وصف العمل بـ كسر القوالب المألوفة التي كانت سائدة في أفلام الرعب وقتها، وبين امتداحه باعتباره "تحفة رعب كلاسيكية لا تُنسى".

الذروة والنهاية المحتومة

جاء الجزء الثاني في عام 1988،  Hellbound: Hellraiser II  استكمالاً وضع السلسلة على رأسها، من حيث التوسيع الأسطوري والخيالي، وحصل على قوة دعم من الجماهير رغم بعض الانتقادات ، لكن من الجزء الثالث Hell on Earth (1992) فصاعداً،اتخذ طابعاً أكثر تجارية، مما وسّع القاعدة الجماهيرية لكنه خالف روح باركر الأصلية

الأجزاء التي تلتها (من: Inferno، Hellseeker، Deader، Hellworld) سقطت في فخ الفيديو المباشر والتكرار، وتعرضت لانتقادات واسعة بسبب البناء القصصي الضعيف واقترانها بالشرط التجاري.

العودة في 2022: بين التجديد والجدل

عام 2022 صدر إعادة انطلاقة جديدة للسلسلة  بعنوان Hellraiser وكنت أول نسخة حصرية للعرض عبر منصة Hulu، وهو محاولة لإحياء السلسلة بنظرة معاصرة ـ وقتها نالت ترحيباً نسبياً من النقاد، اعتبرها البعض "أفضل ما صدر بعد النسخة الأصلية"، لالتزامها بمصادر باركر الأصلية وطابعها الجمالي ، وقد وصفتها صحيفة غارديان بأنها "أنيقة لكنها غير متوازنة"، تحافظ على الطابع السادو-مازوخي والعنف الغرافيكي لكن بلمسات عصرية 

من "على أعتاب الجحيم" إلى "حقل الرعب"

رغم انطلاقها الوسيط على منصة محدودة، تظل سلسلة أفلام Hellraiser حجر زاوية في نوع الرعب المادي الميتافيزيقي. الجمهور لا يزال يعود إلى الفيلم الأول بإعجاب واحترام؛ بينما يرى الكثيرون أن الأجزاء التي تبعت بشكل مباشر فقدت الروح المؤثرة التي صنع بها باركر علامته الخاصة. Reboot عام 2022 نجح في إشعال بعض الحماس من جديد، رغم أنه لا يخلو من الشكوك، محاولاً نقل رسالة جديدة في سياق معاصر دون نسيان الجذور.

معلومات عن الفيلم 

 الفئة    :  رعب - خوارق
-  اللغة   : الإنجليزية
كتابة   : كليف باركر - ديفيد براكنر وغيرهم.
- إخراج : كليف باركر - بن كولينز وغيرهم
- تاريخ الإنتاج : من 1987 إلى 2022


شاهد برومو الفيلم 

مقطع ترويجي عن آخر فيلم في السلسلة الذي جرى عرضه على منصة  هولو Hulu


0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .