في عالم أفلام الرعب النفسي والماورائي، يبرز فيلم Mara (2018) كأحد الأعمال التي تناولت ظاهرة النوم المرعبة المعروفة باسم الجاثوم أو شلل النوم (Sleep Paralysis)، من منظور يمزج بين الرعب الكلاسيكي والخرافات الشعبية التي تجسّد الكابوس بهيئة شيطان قاتل.
عندما يصبح النوم تهديدا
تدور أحداث Mara حول الدكتورة كيت فولكنر، وهي أخصائية نفسية يتم استدعاؤها للتحقيق في مقتل رجل حيث يُشتبه بأن زوجته المصابة باضطراب نفسي هي من قتلته.
غير أن الزوجة تؤكد أنها لم تكن الفاعلة، بل أن كائناً مخيفاً يُدعى "مارا" هو من قتله أثناء نومه، بعد أن شلّ حركته.
وفي البداية تظن كيت أن الأمر مجرد هلوسات ناتجة عن اضطراب نفسي، لكن الأمور تبدأ بالتغير حين تتعرض هي نفسها لنوبات شلل النوم وتبدأ برؤية كيان مروّع يزحف نحوها ليلاً، ممهداً لموتها المحتوم.
مع تصاعد الرعب، تكتشف كيت أن مارا ليست مجرد كابوس، بل كائن شيطاني أسطوري يعاقب من يشعرون بالذنب من خلال شلّهم أثناء نومهم ومطاردتهم حتى الموت. ومع كل نوبة جاثوم، تقترب مارا أكثر، وكلما تأخر الضحية في الاستيقاظ، ازداد احتمال موته.
تجسيد سينمائي لأسطورة الجاثوم
يستوحي الفيلم مادته الماورائية من أسطورة أوروبية شهيرة تُعرف باسم الجاثوم (الروبصة) أو "Old Hag"، وهي عجوز شريرة تزور النائمين ليلاً، فتجلس على صدورهم وتمنعهم من الحركة أو الصراخ، فيما هم يفتحون أعينهم عاجزين تماماً عن إنقاذ أنفسهم.
يمثّل مارا هذه الأسطورة، ولكن بشكل أكثر حداثة وبُعداً شيطانياً، حيث لا تكتفي بإخافة الضحايا، بل تقتلهم فعلياً إذا لم يُكفّروا عن ذنوبهم.
معلومات عن الفيلم
- الفئة : جريمة - رعب - غموض- اللغة : الإنجليزية
-كتابة : كليف تونغ - جوناثان فرانك
- إخراج : كليف تونغ- تمثيل : أولغا كورلينكو ، كريج كونوي
- تاريخ الإنتاج : 2018
- تاريخ الإنتاج : 2018
شاهد برومو الفيلم
الاستقبال النقدي والجماهيري
جرى عرض فيلم Mara لأول مرة في 2018 من إخراج كلايف توندر، وبطولة الممثلة أولغا كوريلنكو التي أدت دور الطبيبة النفسية ببراعة نقلت الصراع بين العلم والإيمان بالخوارق. وقد انقسمت آراء النقاد بين من رأى في الفيلم معالجة مبتكرة لفكرة تقليدية، ومن اعتبره لم يضف جديداً إلى نوعية أفلام "الكيانات القاتلة" التي تهاجم أثناء النوم مثل Nightmare on Elm Street.
إلا أن الفيلم نجح في إثارة الجدل وإعادة تسليط الضوء على واحدة من أكثر الظواهر رعبًا وغموضًا في علم النوم.
شلل النوم بين العلم والخرافة
علمياً، يُعرف الجاثوم بأنه حالة شلل عضلي مؤقت تحدث عند الانتقال بين مرحلتي النوم واليقظة، حيث يجد الشخص نفسه مستيقظاً لكن غير قادر على الحركة أو الكلام. وغالباً ما تصاحبه هلوسات سمعية أو بصرية مرعبة، وشعور بثقل على الصدر، ما يجعل الضحية تعتقد أن "كياناً" يجثم فوقها، كما يحدث في فيلم Mara.
تُعزى هذه الظاهرة إلى خلل في آلية النوم يُبقي الدماغ يقظاً بينما يبقى الجسد في حالة نوم عضلي (شلل نومي طبيعي أثناء مرحلة حركة العين السريعة - REM). وتحدث هذه الحالة نتيجة الإرهاق، الضغط النفسي، أو اضطراب النوم.
لكن في الثقافات الشعبية، كان الجاثوم دائماً مرتبطاً بالماورائيات: الجن، العفاريت، الأرواح الشريرة، أو الشيطان نفسه.
وقد لعب الفيلم بذكاء على هذا التفسير الشعبي، ليحوّل الجاثوم من ظاهرة طبية إلى تهديد حقيقي، من هلوسة إلى قاتل.
ما نسبة من يتعرضون لشلل النوم (الجاثوم) ؟
بحسب مراجعة علمية شاملة نُشرت عام 2011 في مجلة مراجعات طب النوم Sleep Medicine Reviews تحت عنوان: "Prevalence of Sleep Paralysis: A Systematic Review" (Sharpless & Barber, 2011)
فقد تم تحليل أكثر من 30 دراسة شملت أكثر من 36,000 مشارك من خلفيات مختلفة، وكانت النتائج كالتالي:
- حوالي 8% من عموم الناس تعرضوا للجاثوم مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
- حوالي 28% من الطلاب (خصوصًا طلاب الجامعات) تعرضوا للجاثوم.
- حوالي 32% إلى 46% من المرضى النفسيين (خصوصاً من يعانون من اضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة PTSD) أبلغوا عن تعرضهم للجاثوم.
الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو القلق أو النوم المتقطع هم أكثر عرضة لتكرار هذه الحالة.
ملحوظات مهمة
شلل النوم أكثر شيوعاً مما يُظن، لكنه لا يعني وجود مرض خطير ، تزداد النوبات في حالات الضغط النفسي، قلة النوم، أو تغيير نظام النوم ، ولا تقتصر الحالة على ثقافة أو بلد معين، بل لوحظت في كل الثقافات تقريباً، لكن تختلف التفسيرات (ما بين علمية وخرافية أو دينية).
قصص واقعية
نشر موقعنا العديد من قصص حول شلل النوم أو الجاثوم ويبدو أنها حالة ليست نادرة حتى في مجتمعاتنا العربية ، كما نشر مقالات تشرح هذه الحالة التي غالباً ما يجري ربطها مع العفاريت والجن ، ونذكر منها :
هل ستجرؤ على النوم الليلة ؟
فيلم Mara ليس فقط قصة رعب مشوقة، بل مرآة لواقع نفسي وظاهرة غامضة يعيشها الملايين حول العالم. وقد نجح في إثارة الرعب من خلال فكرة بسيطة: الخطر لا يأتي وأنت مستيقظ، بل حين تغمض عينيك.
إذا كنت ممن عاشوا تجربة الجاثوم من قبل، فإن هذا الفيلم سيوقظ ذكرياتك... وربما يجعلك تتردد قبل أن تذهب إلى سريرك الليلة.
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .