هكذا قالت لي و أنا أدفنها في طبقة عميقة من التربة .. كانت قد وعدتني بالعودة قريباً .. مع بداية الربيع .. و ها قد جاء الربيع .. وهي لم تنهض بعد !
كان يوماً غريباً ذاك الذي تعرفت فيه على هذه المخلوقة التي غيرت مجرى حياتي .. عنقائي الجميلة التي بهرتني بجمالها و علمها الغزير الذي لا ينتمي لهذه الأرض .. و أنساني ولعي بها أنها ليست منا .. ليست من البشر و لا تستطيع أن تكون مثلنا في يوم من الأيام .. و لا هي ترضى أن تكون مثلنا حتى لو كان هذا في إمكانها .. و لا حتى من أجلي أنا ؟!
لم أسألها هذا السؤال يوماً .. فقد كنت أخاف الإجابة !
***
مضيت أهيم معها في دروب الأرض .. أعلمها طرقنا و عاداتنا و أساليب معيشتنا .. و لكنها لم تكن راغبة في فعل المثل معي .. فلم تشأ أن تعلمني شيئاً عن جنسها و نوعها .. قالت لي و هي تحتضنني لتخفف عني وطء كلماتها القاسية :
-"لن يفيدك ذلك بشيء .. تمتع بوجودنا معاً .. لن تكسب من المعرفة سوى الحزن !"
و صمت على مضض .. لأنني لم أكن أعرف حكاية الإحياء هذه !
***
قبل بداية الشتاء بأيام بدأت في الذبول .. صارت بشرتها شاحبة كالموتى و فقدت بريقها .. و طالت فترات نومها العميق الذي يشبه الإغماء .. ثم بدأت في العزوف عن تناول الطعام و حتى عن التحدث معي .. أفزعني تحولها العجيب فسألتها عما بها .. ظلت تحاورني و تناورني أياماً قليلة .. ثم اعترفت لي بالحقيقة المفزعة :
"إنه موعدي .. لا تنسني .. سأعود إليك مع الربيع !"
لم أفهم و طلبت منها الإفصاح عن معنى كلامها .. بالحقيقة أنني أجبرتها على الكلام فقالت لي بوهن :
"أنني أموت .. موتاً مؤقت .. يجب أن أرقد في أرض رطبة منعزلة حتى أستعيد أيامي و أعود إليك مع الربيع !"
كان هذا فظيعاً .. الأفظع هو أنني أنا ؛ لا أحد غيري ؛ هو من تريده أن يقوم بدفنها !
***
حملتها و الألم يعصر قلبي .. لم أصدق حكاية العودة هذه .. كانت قد ذبلت و مرضت إلى حد أنها لم تعد تستطيع المشي .. هذه هي " ماشا " التي كانت تقفز من ارتفاع مائتي متر دون أن تتأثر .. بحثت عن قطعة أرض رطبة باردة ؛ كما طلبت ؛ و لكنني حرصت قبل ذلك على أن تكون معزولة تماماً عن العالم و بعيدة عن أي عمران .. حتى أتجنب خطورة أن يحفر أحد بالمصادفة و يعثر على جسدها .. لذلك فقد تخيرت أبعد موقع يمكنني الوصول إليه .. و قمت بالحفر مستخدماً معول صغير .. و حرصت على أن تكون الحفرة واسعة بقدر كبير .. و قد حملت معي أغطية و ملاءات لأفرش لها مستقرها بها و لكنها قالت لي بوهن :
"فقط التراب .. غطيني بالتراب المندي الرطب و دعني أستعيد أيامي .. و سأعود إليك مع الربيع !" و دفنتها .. و غادرت المكان و رجعت لبيتي و عملي و أسرتي .. و لا شيء يشغلني سوي انتظار مقدم الربيع .. لتعود إلى كما وعدت !
القصة حلوة بس الاحسن لو كنتى كملتيها
ردحذفشكرا
ريم سوريا
ديما متميزه وان شاء الله دينا الى المام..,.,^_^
ردحذفجميله اوى
ردحذفالقصة روعة جميله جدا keep it up
ردحذفeman-egypt
اظن ذلك الربيع هو المكان الذي يلتقيان فيه بعد الموت "حسب ماقالت" اي البرزخ هو ربيعها
ردحذفربما لعدم استيقاظها تكون تلك رسالة له كي يدفن نفسه معها فلربما تستيقظ وتعطيه بعضا من خفايا جنسها وإن لم تستيقظ ففي العالم الآخر هناك ستكون اللقيا
ردحذفالقصة لم تكن حلوة اشلون قصة
ردحذفعابت لل المئلفة
ردحذفالقصة جايفة مثلج
ردحذف