24 سبتمبر 2025

فيلم The Ring

فيلم رينغز - ذا رينغ - رينغ 2 - The RING - Rings - رعب ياباني
إعداد : كمال غزال
يُعتبر فيلم The Ring أحد أكثر أفلام الرعب تأثيراً في بداية الألفية الجديدة، وهو ليس مجرد فيلم رعب عادي، بل امتداد لثقافة كاملة من الأساطير اليابانية والفولكلور الشرقي، حيث انتقل من أسطورة قديمة إلى رواية أدبية، ثم إلى سلسلة أفلام ناجحة في اليابان، قبل أن تعيد هوليوود إنتاجه وتقدمه إلى العالم بلمسة عصرية.


قصة الفيلم

عندما تبدأ سلسلة من الوفيات الغامضة بين مجموعة من المراهقين، تكتشف الصحفية رايتشل كيلر أن القاسم المشترك بينهم هو شريط فيديو غامض. كل من يشاهده يتلقى مكالمة هاتفية بعد لحظات، بصوت فتاة هامس يقول: "سبعة أيام..."، ليلاقي حتفه بعد أسبوع كامل بطريقة مروعة.

مدفوعة بفضولها الصحفي وخوفها على حياتها، تشاهد رايتشل الشريط بنفسها، فتبدأ سلسلة من المشاهد المقلقة التي تتحدى عقلها. مع مرور الأيام، تخوض سباقًا محمومًا مع الزمن لفك لغز اللعنة وإنقاذ نفسها وابنها، الذي يشاهد الشريط عن غير قصد.

رحلتها تقودها إلى سامارا مورغان، فتاة صغيرة ذات قوى غامضة، قُتلت ورُميت في بئر مظلم. تدرك رايتشل أن روح سامارا ما تزال تبحث عن الانتقام، وأن الشريط هو وسيلتها لنشر لعنتها إلى العالم. لكن ما لم تدركه هو أن إنهاء اللعنة لا يعني كسرها، بل تمريرها إلى شخص آخر... لتستمر الحلقة المرعبة بلا نهاية.

أسطورة الأرواح الغاضبة (Yūrei)

في الثقافة اليابانية، تُعرف الأرواح الانتقامية باسم يواري أو يورِي (Yūrei)، وهي أرواح أشخاص ماتوا في ظروف مأساوية، غالباً بالقتل أو الظلم، فتبقى أرواحهم حبيسة العالم المادي بحثاً عن الانتقام ، تتميز هذه الأرواح بمظهرها المرعب: شعر أسود طويل يغطي الوجه، ملابس بيضاء كرمز للدفن، وحضور يثير الرعب أينما ظهر.

تُعد أسطورة بئر أوكيكو في قلعة هيميجي من أشهر الحكايات اليابانية عن الأرواح الغاضبة (Yūrei). تحكي القصة عن خادمة بريئة تدعى أوكيكو، اتُّهمت ظلماً بسرقة عشرة أطباق ثمينة تعود لسيد القلعة، فتم تعذيبها بوحشية ثم إلقاؤها في بئر مظلم. منذ ذلك الحين، يُقال إن روحها لا تزال هائمة قرب البئر، حيث يسمع الزوار صوتها وهي تعد الأطباق من واحد إلى تسعة قبل أن تطلق صرخة مرعبة عند غياب الطبق العاشر.


هذا المشهد الرمزي جعل البئر مكاناً مرعباً ومصدراً للأساطير، حيث أصبح رمزاً لروح محبوسة تسعى للانتقام. كان هذا الإرث الشعبي الأساس الذي استلهم منه كوجي سوزوكي شخصية "ساداكو" في روايته Ringu، والتي تحولت لاحقاً إلى سلسلة أفلام شهيرة، حيث يجسد البئر في الفيلم مكان حبس الروح ومنبع لعنتها التي تنتقل إلى الآخرين عبر شريط الفيديو الملعون.

من الأسطورة إلى الرواية Ringu

في عام 1991، أصدر الكاتب الياباني كوجي سوزوكي Koji Suzuki روايته الشهيرة Ringu، والتي كانت مزيجاً بين الرعب التقليدي والخيال العلمي ، تدور القصة حول شريط فيديو ملعون يشاهده الأشخاص، وبعد سبعة أيام يموتون بطريقة غامضة ، بطلة القصة، ساداكو يامامورا، هي روح فتاة ذات قدرات خارقة قُتلت ورُميت في بئر، لتنتقم لاحقاً من خلال اللعنة ، استلهم سوزوكي شخصية ساداكو من فلكلور الأرواح الغاضبة وأساطير مثل بئر أوكيكو، لكنه أعطاها بُعداً معاصراً من خلال وسيلة القتل الحديثة: شريط الفيديو ، رواية Ringu لاقت نجاحاً كبيراً في اليابان مما دفع المنتجين لتحويلها إلى فيلم سينمائي.

من الرواية إلى فيلم Ringu   リング

في عام 1998، أخرج هيديو ناكاتا (Hideo Nakata) فيلم Ringu المقتبس عن رواية سوزوكي، وكان هذا العمل بمثابة نقطة تحول في سينما الرعب اليابانية حيث مزج الرعب التقليدي بالتكنولوجيا الحديثة ، استخدم الفيلم وسيلة مألوفة للجمهور في التسعينيات: شريط الفيديو، ليجعل الرعب قريباً من الحياة اليومية ، شخصية ساداكو بشعرها الطويل الذي يغطي وجهها وحركتها غير الطبيعية أصبحت أيقونة مرعبة ، ركّز الفيلم على الرعب النفسي أكثر من الدماء، ما جعله أكثر تأثيراً وإثارة للخيال ، حقق Ringu نجاحاً ضخماً، حيث أصبح أعلى فيلم رعب ياباني تحقيقاً للإيرادات في ذلك الوقت، وأعاد الاهتمام العالمي بسينما الرعب الآسيوية.

هوليوود تدخل اللعبة بفيلم The Ring

مع النجاح الكبير لفيلم Ringu، سارعت هوليوود إلى إنتاج نسخة أمريكية بعنوان The Ring عام 2002، من إخراج غور فيربينسكي (Gore Verbinski) وبطولة ناعومي واتس (Naomi Watts).

ومن ضمن التعديلات التي أدخلت على الفيلم الياباني السابق هي استبدال شخصية ساداكو اليابانية بـ سامارا مورغان (Samara Morgan)، مع خلفية مختلفة لكن تحافظ على جوهر القصة ، أضاف الفيلم عناصر بصرية متقدمة وتقنيات تصوير سينمائي متطورة، مع مشاهد صادمة أبرزها مشهد خروج سامارا من شاشة التلفاز ، تم التركيز على تفسير نفسي للقصة يناسب الجمهور الغربي، مع الحفاظ على الغموض الأسطوري.

حقق الفيلم الأمريكي إيرادات هائلة تجاوزت 249 مليون دولار عالمياً، وأصبح من أكثر أفلام الرعب تأثيراً في أوائل الألفية، ما أدى إلى إنتاج أجزاء لاحقة مثل The Ring Two (2005) وRings (2017).

فيلم The Ring يمثل نموذجاً مثالياً لفئة "الرعب الانتقامي"، حيث يكون الشرير روحاً مظلومة تسعى للانتقام ، هذا النوع متجذر في الفولكلور الياباني منذ قرون، مع شخصيات مثل أوكيكو وهانّا ، الأفلام التي تتبعه غالباً ما تحمل رسالة أخلاقية عن الظلم والعواقب الروحية لأفعال البشر ، فيلم The Ring أعاد تقديم هذا المفهوم للجمهور العالمي، ممهداً الطريق لأفلام مشابهة مثل The Grudge (Ju-On).

تأثير الفيلم على الثقافة الشعبية

- انتشار مقاطع وميمات ساخرة عن شريط الفيديو الملعون.

- إلهام مخرجين ومنتجين لإعادة إحياء الرعب النفسي في أفلام مثل Paranormal Activity و Insidious.

- إدخال مصطلح الأيام السبعة "Seven Days" إلى ثقافة الرعب كرمز للعد التنازلي نحو الموت.

وختاماً ، من أسطورة يابانية عن روح غاضبة محبوسة في بئر، إلى رواية مثيرة ثم سلسلة أفلام اجتاحت شباك التذاكر العالمي، يظل The Ring أكثر من مجرد فيلم رعب؛ إنه جسر ثقافي يربط بين الفولكلور الشرقي والسينما العالمية ، لقد ساهم هذا العمل في إعادة تعريف الرعب على الشاشة، وأثبت أن الخوف الحقيقي يكمن في المجهول وفي صدى الأرواح التي لم تجد السلام.

معلومات عن الفيلم

التصنيف  : خوارق - أشباح
اللغة        : الإنجليزية
كتابة        : إيهرن كروجر كوجي - سوزوكي هيروشي - تكاهاشي (مقتبس عن رواية الياباني كوجي سوزوكي).
إخراج      : غور فيربينسكي
سنة الإنتاج : 2002

شاهد برومو الفيلم


نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .